كتب د.حسن نجم الدين
لا ندري كيف يفكر عناصر الفكر التكفيري والمتطرف وما هي ادلتهم حينما يبيحون لأنفسهم قتل الابرياء وعمليات العنف وترويع الآمنين المسالمين ممن يتفق معهم أو يختلف في العقيدة والدين أو حتى المذهب والفكر؟!
فالمتصفح العاقل والمنصف بل والمبتدئ والعالم المتخصص وعلى رأس هؤلاء علماء الأزهر الشريف عبر التاريخ . الكل يرى كذب هؤلاء القتلة المأجورين وزيف ادلتهم وعدم صحة ورودها وبطلان تأويلها على النحو الذي يستدل به هؤلاء المجرمون الخونة المأجورون الذين يجتزئون النصوص ولا يفقهون شيئا عن أسباب النزول . ولا عن مقتض الحال والمآل للآية ولا عن مناسبة العصر والزمن التاريخي . ولا عن الفهم اللغوي للنص .. وهكذا
فالله عز وجل نهى عن قتل حتى نفس واحدة ووصف ذلك بقتل الناس جميعا ووصف إحيائها بإحياء الناس جميعا يقول تعالى ” مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا” سورة المائدة 32 ، وهذا النهي لم يحدد فيه نوع النفس بل أي نفس مسلمة أو غير مسلمة وكذلك النص الصريح في قوله تعالى ” وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ” سورة الأنعام 151 ، بل إنه حتى في حالة حرب الأعداء من المشركين لابد من مراعاة آداب وأبعاد وأخلاق إنسانية تميز بها الإسلام ودعت له جميع الرسالات السماوية .
ولقد سار على هذا المنهج صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الأخيار ،فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين ودع جيش أسامة قائد المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قال له وللجيش :(يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني : (لا تخونوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تعقروا نخلا ، ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكله ، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا له) هكذا أخلاق الإسلام حتى في حالة حرب المشركين ينهى عن الغدر والخيانة .
وهؤلاء الجهلة لا يفرقون في قتلهم بين مسلم وغير مسلم لأنهم يعتقدون أن من لم يكن على مذهبهم ومذهب تنظيمهم واميرهم يكن كافرا مهما كان إيمانه وتقواه !
وحينما يستهدفون خير اجناد الأرض وهم يعرفون بإسلام الغالبية العظمى منهم . فهم يغضون البصر عن قوله تعالى ” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ” سورة النساء 93 ، وقوله تعالى ” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً”سورة النساء 92 ، بل إن الإسلام ينهى حتى عن الإيذاء بأي نوع من الأذى فيقول الله عز وجل” وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ” سورة الأحزاب 58 ، بل إن المسلم الحق هو الذي لا يجبر أحدا على اعتناق ما يريد بالقوة لأن الله عز وجل هو الذي أمر بذلك فقال تعالى ” وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ” سورة هود 118 ،119 ،وقال تعالى ” لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ ” سورة المائدة 48 .
بل إنه لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض المشركين نهاه الله عز وجل حتى من الدعاء عليهم فقال تعالى ” لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ” سورة آل عمران 128 ، وانظر إلى الحكم القاطع من الله عز وجل الذي لا يجوز فيه لأي أحد الحديث أو التأويل فيه من بعده والذي حكم فيه أنه جل جلاله وحده هو الذي يحكم بين العباد ويفصل بينهم يوم القيامة فكأنه سبحانه وتعالى يقول للخلق لا تختلفوا ولا تقاتلوا ولا تنازعوا إذا اختلفت عقائدكم فالكل راجع للوقوف بين يدي يوم القيامة للحساب فأفصل بينكم فيما كنتم تختلفون فيه في الدنيا ولا يحق لأحدكم أن يحاسب غيره على عقيدته أو عبادته لأن الله وحده علام الغيوب وما في القلوب وحده هو الرقيب الحسيب ولم يوكل أحدا من خلقه فيما اختص فيه لذاته جل وعلا يقول تعالى ” إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ” سورة الحج 125 ،فالله عز وجل في هذه الآية جمع المسلمين وأهل الكتاب وعبدت الأصنام وما شابهها وعبدت النار بل وجميع أهل العقائد المختلفة من المشركين في آية واحدة لأن الذي يحكم بينهم هو الله عز وجل الإله الواحد الذي وحده يفصل بينهم يوم القيامة ووحده على كل شيء شهيد .لذلك حكم الله عز وجل فقال ” لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ” سورة البقرة 25.
ولما كان لا يحق للداعية المسلم أن يكره أحدا على الدين لم يكن له إلا الدعوة بما أمر الله عز وجل يقول تعالى ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ” سورة النحل 125 ، وأنه لا سلطان للداعية أو لغيره على أحد في الهداية والأيمان وإنما يقتصر دورة في الدعوة بالحسنى والتذكرة يقول تعالى ” فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ” سورة الغاشية 21 ـ22 ، ويقول تعالى ” فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ” سورة الشورى 15 ، بل وأمر المسلم ألا يتعاون إلا على البر والتقوى يقول تعالى “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ” سورة المائدة 2 ، هذه بعض الآيات من كتاب الله عز وجل وبعض الأحاديث من السنة ، التي تبين وتؤكد دور كل مسلم في هذه الحياة وأنه لا يحق الاعتداء أو إيذاء أحد من الخلق أو قتله باسم الدين فالدين من ذلك بريء .
فيا دعاة القتل والتفجير والتدمير والترويع والإرهاب أين أنتم من هذه الأدلة الثابتة من الكتاب والسنة الشريفة عن تجريم وتحريم تلك الأعمال التي ما أنزل الله بها من سلطان.
اتقوا الله في دينكم وفي أوطانكم وأبناء جلدتكم وحماة حدودكم وأرضكم وبلادكم وهم رجال الجيش والأمن الذين تسهر أعينهم من أجل حماية هذا الوطن من أي اعتداء على ترابه أو مؤسساته ومنشئاته أو أفراده وخيراته ، واعلموا أن مصيركم كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم ” اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ” سورة فاطر 43 ، وأعلموا أنكم لن تنالوا أبدا ما تريدون من عدم الأمن لمصر لأن الذي تعهد بهذا الأمن ليس واحدا من الخلق ولكنه خالق الخلق جميعا علام الغيوب وهو الله عز وجل الذي يقول في كتابه ” ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ” سورة يوسف 99 ، مصر التي ذكرها الله عز وجل في القرآن أكثر ما ذكر غيرها من البلاد سيحفظها الله عز وجل بإذنه إلى يوم الدين وشعبها سيظل في رباط إلى يوم القيامة كما أخبر بذلك الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم ، ويا من ترابط لحراسة وحماية الحدود أو أرض مصر وأمنها وشعبها اعلم بأنك بذلك تحرس في سبيل الله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله ) رواه الترمذي.
حفظ الله مصر أرض الوسطية والاعتدال وبلد الأزهر الشريف والكنيسة المصرية الوطنية وحفظ الله شعبها وجيشها وأمنها ورئيسها ومؤسساتها من كل سوء وشر يارب العالمين .
تسلم الايادي . بالتوفيق والسداد للجميع وعمل صحفي متميز . وجريدة وموضوعات تستحق اهتمام القراء . والمواطن العربي