كتب _محمد حمدي سعد _ شمال سيناء
قد تكون بلادنا تعتمد وبشكل كبير على الأوراق بصفة عامة بغض النظر عن مضمونها وفحواها مما أدى الى اعتمادنا على الصياغة اللغوية بشكل معين وديباجة وقالب محدد، وعليه أصبحنا أصحاب شعارات رنانة وجوفاء أما المضمون والثمار فقد يكون ترتيب أولويتها في المؤخرة .
لذا تتعجب عندما ترى المكتبة الجامعية وما فيها من دراسات وأبحاث ما بين الماجستير والدكتوراة التي ناقشت وعالجت على الورق قضايا هامة وجوهرية كعملية تطوير التعليم مثلا او تحسين ظروف العمل او محاربة الفساد والعجيب أن هذه الملفات لم تراوح مكانها ولا حتى قيد أنملة، بل الأدهى والأمر أن إصحاب هذه الدراسات والأبحاث هم أنفسهم قد يكونوا المسئولين عن تنفيذ وتطوير تلك الملفات والأعجب أن حجتهم في ذلك أن الدراسات النظرية شيء والحياة العملية شيء آخر، وبذلك تتحول هذه الدراسات والأبحاث إلى مفتاح فتح الطريق أمام صاحبها للترقي أو سلما ارتقى عليها صاحبها لبلوغ هدفه ثم صار مصيرها الى أرفف المخازن لا تساوي حتى ثمن الحبر الذي كتبت به ، والدليل احتلال جامعاتنا ذيل التصنيف العالمي رغم كم الأوراق المنسية .
ولقد انتقلت العدوى إلى جهات عدة، فترى مثلا من شروط الترقي إعداد بحث يشرح فيه صاحبه رؤيته لتطوير منظومة العمل والغريب أن هذه الجهات تتعامل مع هذه الابحاث على اعتبار أنها تكملة ملف الترقية لا يقرأ منها حرف واحد تكتظ بها أرفف المخازن لحين إعدامها بعد انقضاء المدة القانونية دون جدوى على الرغم من كم الاوراق المنسية .
هكذا تحولت حياتنا الى أوراق تولد بورقة وتتعلم بورقة وتتزوج بورقة وتموت بورقة وهكذا يكتمل ملفك وتنسى كما أكوام الاوراق تنسى، ولست أعجب من أن مقالي هذا مصيره إلى النسيان فأزمة أمة اقرا أصبحت لا تقرأومصير مقالي هذا نفس مصير الأوراق المنسية .