متابعة سجاد حسن عواد
كتب جاسم السماري : اختيار اسم القصة يبدو غريباً بعض الشيء ، ربما كان متعمدا اراد ان يخفي الاسم الحقيقي ، ولهذا الاسم دلالات ومعان اولا انه اسم اعجمي ،ويعني ( المعونة)….ويدل كذلك على الخير والسعادة.
تطرق الكاتب الى موضوع حساس ولايخلوا من التشويق من جهة ، وبين الحالة النفسية التي لجأ اليها الكثير للهروب من هذا الوقت الممل ، بعد جائحة كورونا
( الانترنت) صار الصديق الدائم الذي لايعرض حياتك للخطر ويقضي على الروتين الذي يعيشه الانسان من رتابة الحياة ، والهروب من خوف الموت المحدق .
لذلك السارد او القاص هو البطل الذي اعترف مسبقا، بأن إدمانه على الفيس، وهو واضح ومعروف من خلال استخدامه المستمر !!!
تعرف على فتاة غريبة الاطوار ، وبمرور الوقت اكتشف انها تعاني اضطراب نفسية ، وذلك من تصرفاتها في المراسلة الطريقة التي تتعامل فيها
حتى وصلت في مرحلة
الى تخبره بأن تنتحر
وهنا، بدأت عقدة القصة وتصاعد الحدث ، وكان الموعد المحدد( عندما تتعانق عقارب الساعة اي عند انتصاف الليل!!
هل العلاقات العابرة التي تتم عن طريق الفيس تستحق ان تجلب لنا القلق والعناء؟؟
وهل تكون صادقة بل ممن لا يضعون اسماء مستعارة ؟
فهي غير واضحة وقد تصل الى التحايل او اضاعة الوقت ؟
لذلك يصعق عندما عرف انها انتحرت ، وانقطع عن الفيس لمدة ثلاثة أيام
كانت وكأنها ثلاثة اعوام !! هنا كان الاجدر ان يقول الكاتب ( ثلاث سنين لان السنة تمثل المشقة والعناء والعام يمثل الفرح والسعادة …. اراد نسيانها ولكن يتفاجأ انها ارسلت اليه رسالة ، تتصاعد الاحداث بوتيرة سلسلة محاولا احداث مبدأ التشويق لدى المتلقى، مما يجعله يتابع القصة لمعرفة نهاية الحدث ، هنالك مفارقة عندما استعان بصديقه المقرب اليه ، لمتابعة ( روفيدا).
ووعده انه سيأتيه بالمعلومات الوافية وهو يريد معرفة الحقيقة بأسرع وقت ويتفاجأ ان يحدد الوقت اخلص صديق له وهي نفس الجملة التي قالتها (روفيدا) عندما تتعانق عقارب الساعة
اخذت هذه الجمله مأخذها وظل اسير افكاره وتأخذه الافكار بين الشك والظن صار اسيرها لقد سعى للخلاص بالاعتماد على من يثق بهم ولكنه صدم بمن يثق وهذه المفارقة وقمة الصراع وننتظر حل العقدة !!!
حتى تتراءى له بهيأتها تدخل عليه هو لايصدق مايرى من جمال اخاذ ونضارة هي بعينها متأكد انها ميته !! حتى كاد ان يصدق مايرى ثم عاد الى وعيه وانتبه لنفسه ، وقال: كم جميلة وهي ميتة وهو متأكد من موتها لانه اتعب ذهنيا لم يصدق الاحداث التي تدور وتختلط بهذه السرعة
ينتظر رد صديقه (أ . أ) ويعود بالاجابة : ان صفحتها مهكرة ووجد اكثر من صفحتين لها احدها بصفة رجل ؟؟
النهايات المفتوحة تتيح للقارئ أن يفكر كثيرا ويضع احتمالات فك العقدة ، لذلك هذه الميزة يثبت براعة القاص في الوصول للنهاية بهذه الطريقة المبدعة يبقى المتتبع او بالاحرى المتذوق هل صديقه هو من انتحل شخصية ( روفيدا) أم كانت كلمته محض صدفة والتي أثارت الفضول والوجوم في مخيلة البطل لأن تطابق الموصوف هو ليس محض صدفة ؟؟
الثيمة من خلال إحداث هذه الحبكة بدقة وعناية مترابطة بتسلسلها المنطقي وترابطها العضوي
وقد اهتم السارد وهو القاص الى طرح الحالة النفسية للبطلة المضطربة، كذلك تطرق الى العلاقات العابرة من خلال الفيس فيها الكثير من الريبة والفضول ، وعدم المصداقية احيانا ليس كل مايقال يصدق ربما الفراغ المفرط جعل الناس تدور في هذا الافق الضيق ( مجبرا اخاك لابطر) استطاع الكاتب ان يمسك خيوط اللعبة بأحكام ، من خلال الشخصيات الثلاث هم ابطال القصة القاص البطل و( روفيدا) والشخصية الثانوية صديقه ( أ . أ ) المثيرة للجدل كذلك لايوجد تأثير واضح للزمن فقد مرت القصة سريعة، ولم تتعدى الايام القلائل ،والمكان يبدو البيت لانه لايمكن الخروج والالتقاء تحت هذه الظروف بسبب (الجائحة) ، الصراع النفسي الذي ركز عليه القاص من ثلاث شخصيات ان يكون قصة ذات دلالات نفسية واضطرابات تمر فيها البطلةو وصلت الحالة بالتأثير على البطل بعد ان صدم بالاحداث والمفارقات ، من خلال حوار ذاتي يعبر عن علاقة عابرة ذات نهايات مفتوحة ، قابلة للتأويل وشد المتلقي من خلال الامتاع ببعديها النفسي والاجتماعي واستخدام لغة بسيطة وواضحة تعتمد على الحوار وفهم العلاقة بين الاجزاء الثلاث ومدى تأثير احدهما بالاخرى يحتاج الى قراءة متأنية ونتائج منطقية والقصة من نوع ذات السرد الذاتي فالكاتب احد شخصيات هذه القصة كذلك هنالك صراعان خارجي يمثل ( روفيدا) وصراع نفسي للبطل قصة نفسية واجتماعية بامتياز
كل التقدير لبراعة القاص واسلوبه الواضح الخالي من التعقيد ونهاية تدل على فطنة وذكاء القاص في هذه الثيمة…التي شدت المتلقي والمتذوق بالبحث عن المتعة والمتابعة لمعرفة نهايتها.