سجاد حسن عواد
استهلّ الكاتب كتابه ” قصص حواريّة” بقصة حوارية عرض فيها كيفية انتشار الشائعة بين العامة وتأثيراتها السلبية فدار حوار مبسط لا جدال فيه ليبرز أهمية الإقناع بطرق حضارية لا نعتمد فيها على السَّب والشتيمة بل بكل بساطة يتحاور فيها احدهم مع رجلين اقتنعا لما سمعاه من رجال المنابر بما ليس فيه صحة عن أمير المؤمنين الإمام علي كرّم الله وجهه ،استطاع الكاتب أن يظهر صفات الإمام على حقيقتها وهنا لجأ إلى مخزونه المعرفي ليقنع به الغير فللمثقف دور بارز في مد العامة بالمعرفة والحقائق .
في نصه “التجاوز غير الجائز ” يبين الكاتب كيف يمكن أن نضطر إلى تغيير طباعنا لكن نحو الأسوأ رغبة في إرضاء الغير،وهنا تجاوز من الصح إلى الخطأ ليكون التجاوز غير جائز الهدف من القصة توعوي بحت.
في نص ثأر العشق يدرك العاشق مكانته الكامنة في قلب معشوقته التي تؤثر عليه رجلا آخر وهنا كرامته المهانة والمجروحة تبرر له اعتبار أن انتصاره عليها سيكون بثأره منها ،هذا ما قاله لصاحبه في حواره وهنا يلجأ الكاتب إلى أسلوب التشويق الجاذب ليتساءل القارئ كيف سيثأر لحبيبته التي تمنى لها السعادة ؟وكان تبريره لذلك أنها لن تنسى حبه الذي سيرافقها في كل حركة لها مع حبيبها الجديد،أسلوب فيه قمة التشويق والجذب لمعرفة القارئ إلام يهدف بكلمة ثأر ليفاجأ بما لم يكن يتوقعه هو سيثأر بحبه الكبير لها الذي سيترك بصماته عليه في قلبها.
وتستمر رحلة التشويق باتباع الكاتب لأسلوبه الجاذب ففي نصه “ظننتكِ سندًا” يبدأ الكاتب بحوارية يظنها القارئ بين شخصين ليستدرك فيما بعد أن الكاتب لجأ إلى أنسنة ورقتين آيلتين للسقوط تتجاذبان أطراف الحديث إحداهما تخاف مصيرها فتطلب من صاحبتها مساندتها هنا يلجأ الكاتب إلى أسلوبه المعتمد على التبرير والمعرفة فتستشهد الورقة الأخرى بآية قرآنية.
في نصه حديث الشخصيات تتجلى فلسفة الكاتب الذاتية تجاه قراءة كتاب معتبرا أن القارئ يكون تحت رحمة الكاتب ، يلخص في الحوارية أهداف القراءة ومنها الحصول على فوائد كاكتساب مفردات جديدة والشعور بالسعادة الداخلية لإنجازه القراءة ، هذا رأيه الذي يبقي النّص مفتوحًا للقارئ فيستثير حفيظته ليكوِّنَ ذلك القارئ من تلقاء نفسه نظرته الخاصة بعد قراءته لكتاب، نص مفتوح لم يستخدم الكاتب فيه جملا تساؤلية أو تعجبية بل فرض رأيه ليستحثَّ القارئ على عصف ذهني يكوِّن من خلاله رأيه الخاص حول فوائد قراءة الكتاب.
وهكذا من خلال عدة قصص نلمس أن الكاتب اعتمد فيها أهدافا معرفية استكشافية ولج فيها إلى أعماق النفس بأبعادها النّفسية واستخدم الأسلوب التبريري والتشويق مستندا إلى خبراته الشخصية وإلى معلومات معرفية مستمدَّة من الواقع رغم اعتماده على الخيال الذي يزيد من متانة النص خيال يشحذ فيه الكاتب ذهنه لتأليف حواريات قصصية ماتعة وهادفة.